أقلام الوطن
جرائم الصهيونية (4)
د. أنيسة فخرو*
أكتب في اللحظة الأليمة التي يعلن فيها ترامب تطبيع النظام البحريني مع الكيان الصهيوني متسائلة: ألم تتعلم الأنظمة العربية من الدروس؟ لماذا لا نتعلم نحن العرب من الدروس السابقة؟ ولماذا يستفيد الصهاينة من أخطائهم ونحن لا نستفيد ولا نتعلم؟ حكاما وشعوبا.
لماذا هذا اللهث المتتابع والهرولة العبثية للتطبيع مع الصهاينة؟
ماذا جنت مصر بعد اتفاقية التطبيع؟ جنت المزيد من الفقر والثورات.
ماذا حصد الأردن من التطبيع؟ المزيد من المعاناة الاقتصادية، ومطالبة الصهاينة بقضم القدس والضفة الغربية، وهي الأراضي التابعة للأردن رسميا في الاتفاقيات الدولية.
ماذا حصد الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات؟ سوى الحصار والعذاب والموت بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو، وماذا حصد الشعب الفلسطيني؟ سوى المزيد من نهب الأراضي وهدم البيوت والقتل والتشريد.
وماذا حصد العرب عموما بعد كل تلك الاتفاقيات؟ سوى مزيد من الذل والإهانة والتبعية.
أعتقد من الواضح إن جميع الرؤساء المطبعين تم اغتيالهم بعد أن انتهى دورهم، وأولهم أنور السادات بالرصاص، وتلاه الملك حسين، ثم ياسر عرفات، بالسُمّ، وكأن الصهاينة لا يريدون أن يكون الطرف الثاني في الاتفاقية حيا، لكي لا يلتزمون بالبنود الواردة في الاتفاقية، مادام الطرف الآخر في عداد الأموات.
وهكذا سيفعلون مع السودان وأثيوبيا، ومع كل دولة ضمن مخطط التطبيع، بل وإن أغلب دول أفريقيا التي سعى الصهاينة للتطبيع معها، لم تحصد سوى المزيد من نهب ثرواتها ومقدرات شعوبها، لأن المحتل الصهيوني يفكر بعقلية المستعمر الذي يريد أن ينهب ويسيطر ويستفيد من كل الثروات الطبيعية في المنطقة ويسخرها لمصالحه فقط، وأية دولة تتوقع أنها يمكن أن تستفيد من التطبيع فهي واهمة، لأنها حتما ستخسر أكثر مما تربح، اللهم بعض الأفراد الذين يستفيدون من الصفقة، لأن رأس الفساد نتنياهو، لا يبخل على رفاقه من العرب المفسدين الذين يهيأوون ويطبلون للتطبيع، ويتسارعون إلى توقيع الاتفاقيات.
وكل الاتفاقيات التطبيعية السابقة والقادمة، سيكنسها الشعب الفلسطيني بصموده وتضحياته العظيمة.
المجد للشهداء الأبرار من الشعب الفلسطيني البطل، الذين راحوا ضحايا الصهيونية وجرائمها الغادرة، منذ عام 2000م حتى الآن.
فمن حركة فتح وكتائب شهداء الأقصى، تم اغتيال كل من المناضلين:
-جمال عبد الرازق، مع ثلاث أعضاء آخرين بالرصاص في غزة، والقيادي ثابت ثابت في 2000م.
ومسعود عياد، بإطلاق صواريخ من ثلاث طائرات هيلوكبتر عليه في سيارته، وعماد أبو سنينه بالرصاص في الخليل في 2001.
ورائد الكرمي، ومحمود الطيطي، وحكم أبو عيشة، بالرصاص في 2002.
ومن حركة حماس وكتائب عز الدين القسام، تم اغتيال كل من المناضلين:
– في 2001م، جمال منصور وجمال سليم، في الضفة الغربية، بصاروخ من هيلوكبتر على مكتبهم، ومحمود أبو هنود، باستهداف الطائرات الصهيونية لسيارته في نابلس مع اثنين من رفاقه.
-في 2002، ياسر سعيد رزق، ومهند الطاهر في نابلس، وصلاح شحادة بمتفجرات من طائرة إف 16، واغتيال زوجته وأطفاله.
– في 2004، تم اغتيال الشيخ المُقعد أحمد ياسين مؤسس حماس مع حراسه الشخصيين، في غزة، بقصف من طائرة أباتشي مقاتلة، واغتيال عبد العزيز الرنتيسي الذي ترأس حماس بعده، بصواريخ من طائرة هيليوكبتر مع ابنه. واغتيال عز الدين شيخ خليل، في دمشق، وعدنان الغول، وعماد عباس، وإحسان شواهنه، بقصف صاروخي من طائرة على سيارتهم.
-في 2009 اغتيال الشيخ نزار ريان، وسعيد صيام، بقصف منزلهما.
-وفي 19 يناير 2010 نفذ الموساد بكل وقاحة عملية اغتيال محمود المبحوح القيادي في حماس، على أرض الإمارات العربية.
-وفي نوفمبر 2012 اغتالوا أحمد الجعبري، باستهداف سيارته في مدينة غزة.
-وفي أغسطس 2014 اغتيال رائد العطار، ومحمد ابوشماله، ومحمد برهوم .
ومن الاغتيالات أيضا:
-في 19 ديسمبر 2015 اغتيال المناضل اللبناني سمير القنطار، عميد الأسرى العرب، بغارة على مبنى في دمشق.
-وفي 15 ديسمبر 2016 اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري، في مدينة صفاقس في سيارته، وهو أول تونسي يصنع طائرة إستطلاع بدون طيار، بتقنيات حديثة أصبحت تستعمل في العالم بأسره.
-وفي 2017، اغتيال الشاب باسل الأعرج، بالضفة، بعد مطاردة استمرت عدة أسابيع. واغتيال الأسير المحرر مازن فقها.
-في 2018، اغتيال الشاب أحمد نصر جرار، في جنين بعد مطاردة استمرت عدة أسابيع. واغتيال الشاب أشرف نعالوة، في نابلس، بعد مطاردة استمرت 65 يومًا.
-19 مارس 2019، اغتيال الشاب عمر أبو ليلى، في رام الله.
وطبعا قائمة الاغتيالات لا تنتهي، بتصريح وزير الكيان الصهيوني اليهود آفي ديختر، فكل عربي بالنسبة لهم دمه حلال، وخاصة العربي الشريف.
هذه التضحيات تحتم على العرب أنظمة وشعوبا، أن تضع الشهداء والمقاومين والمناضلين شموعا تهديهم لطريق الحرية وطرد المحتل، وشموسا تحميهم من ذُلّ التطبيع، لكي لا يؤول مصير الحكام المُطبّعين حاليا إلى مصير من سبقهم، ولكي لا يؤول مصير الشعب والأمة العربية إلى مصير الهنود الحمر.