ما خَدَعوا وما خُدِعوا والتزموا بالصهيونيتين: ليس هذا عن يوم الأرض بل من أجل الأرض (1)
د. عادل سمارة
لم يفترق تيارَيْ الصهيونية كي نقُل إلتقيا، فهما أقرب إلى الحزبين الحاكمين في الإمبريالية الأمريكية كطائر بجناحين على اليمين، ومع ذلك يطير جيداً. فخلال بضعة أيام وتظلُلاً بوباء كورونا تقاسم نتنياهو وجانس السلطة، بغض النظر عن حدود ثقة واحدهما بالآخر ليضعا “القائمة المشتركة في مأتمين معاً: إذلال سيدهم لهم، ووجع الكورونا، ومع ذلك سيغطوا فعلتهم بيوم الأرض.
في سياق هذه الحفلة الانتخابية المُملة سواء كديمقراطية تتراكب على العنصرية أو كديمقراطية في عصر اضمحلال هذه اللعبة عالمياً، شاركت أحزاب السلطة الصهيونية من الفلسطينيين في المحتل 1948 في الانتخابات واستخدمت كل البلاغة الممكنة لتعميق التباس الوعي لدى الشارع الفلسطيني في المحتل 1948 (راجع مقالتنا: تخطِّي الوعي الملتبس كرؤية لما بعد الوباء في “نبض الوعي العربي 27 آذار الجاري، وفي كنعان الإلكترونية 27 آذار ايضا)
. وكان أبلغ ما قيل في تبرير المشاركة هذه المرة في الانتخابات “إسقاط نتنياهو” وهو الشعار الذي روَّج له كثير من العرب في الخارج وخاصة قناة الميادين التي تمثل اليوم أخطر تلاعب وتعميق التباس الوعي العروبي ورغم التبدلات العديدة للونها، بل إن هذه التبدلات هي التي تكشفها لمن لم تُرمي حفنة تراب في بصره أو حفنة دولارات في جيبه لتتهالك بصيرته.
تمت التهيئة بأن إسقاط نتنياهو هو أعلى حق فلسطيني! ولم أقتنع بأن بُلغاء الخطابية من مختلف أحزاب السلطة الصهيونية في المحتل 1948 ومن كتبوا من العربان من الخارج، لم يعرفوا بان هناك قرار صهيوني ومعولم لدعم نتنياهو لأنه إبن المرحلة وشرطها وضرورتها. فلم يكن خافياً الدعم العربي من المعترفين بالكيان ومن المطبعين الجدد ، كيانات النفط، ومن الولايات المتحدة والاتحاد الروسي وحتى كندا. وذلك لأن نتنياهو هو أقوى حصان لمواصلة تصفية القضية الفلسطينية. وهو علاوة على صهيونيته المركَّزة له ثأر شخصي عند الفلسطينيين.
فاز فريق نتنياهو، وما هي سوى بضعة أيام حتى رتب الصهاينة بيتهم كلٌ بحجمه. ولو فاز فريق جانس، لكان الترتيب نفسه، بمعنى أن كل الشغل هو لتثبيت الكيان الصهيوني على كل فلسطين كدولة يهودية تهدف الوصول إلى “دولة يهودية نقية خالصة لكل مستوطنيها” وهو ما يعشقه جماعة “نداء وصرخة من الأعماق” المنادين بدولة مع المستوطنين، حيث يُجمع كل الصهاينة بأن الوجود العرب الفلسطينيين في وطنهم هو مؤقتاً حتى لو تم تبادل أراضي مع الحكم الذاتي فكل هذه درجات أو خطى متغيرة عبوراً إلى الأردن وما بعد وصولا إلى النيل والفرات.
وهنا، لا يمكن للمرء سوى القول المباح بأن كل فلسطيني أو عربي حاكم أو محكوم، مثقف أو بسيط، رجل أو إمرأة لم يتخذ علانية وكتابة وقولا على الفضاء موقف التحرير والعودة، فهو في حقيقة الأمر ضمن معسكر الصهيونية العربية مهما أجاد التلطي.
يرى البعض بان هذا التقوُّل فيه من التطرف أكثر مما فيه من الدبلوماسية، ولكن حين يتعلق الأمر بقضية كبرى هي الوطن من محيطه لخليجه، لا يعود هناك مجالاً لأي التباس. ويكفي لدعم ما نقوله مجرد النظر إلى مختلف الأمم في عصر الدولة القومية عالمياً، كيف تحافظ الأنظمة والمثقفين على السيادة وهو المدخل للأمن القومي والتنمية وحتى الاشتراكية، بينما الوطن العربي دون هذه جميعاً.
في سياق تشرُّبها لاستدخال الهزيمة، أي القائمة الربية المشتركة، وشعورها بالسعادة أن هذا الاستدخال يتسرب من المحيط إلى الخليج، وبأن من يُغطون عورتها أكثر ممن يمزقون ثوبها الذي يشفُّ عن جسد أهلكه استخدام متعدد وجميعه لا شرعي، التزمت “القائمة العربية المشتركة” بتاريخ وخطاب الصهيونية العربية التي هي الجناح العربي للصهيونية الأم بما هي اي الصهيونية حركة عالمية لا تقتصر على الدين اليهودي وحده.